All But Reality

Imagine a catchphrase here

Simple template. Background and Customization by Shihab Elagib. Powered by Blogger

July 02, 2016

من حقي ان اقول اني لا اريد ويندوز 10!

لنقل اني لست من اشد المعجبين بسياسات مايكروسوفت منذ ويندوز 8، ولنقل ايضاً أني مِن مَن رأوا افضليةً في البقاء مع ويندوز 7 حتى بعد صدور 10. ولكي نبتعد عن المبالغات و تعميم قليل من السلبيات على الكل، أشير الى مقالي السابق عن ويندوز 10 ليبين اني أرى بالفعل ان فيه تحسينات من سابقيه، ولست اعيب النظام كله او أنصح بعدم استخدامه مطلقاً.
لكن على ما يبدو، فإن هنالك القليل مِن مَن يشاركونني الاهتمام في الموضوعية وضرورة النظر للصورة الكاملة عند ابداء الرأي من الطرفين، مستخدمي ويندوز 10 والباقين مع سابقيه. انظر فقط للتعليقات والنقاشات الدائرة تعقيباً على خبرٍ ما متعلقٍ بالويندوز، ستجد كثيراً منها اما معارضة له تتهمه بإتهامات قد وقد لا تكون حصرية له، او مدافعةً عنه ومتهمة معارضيه بمعاداة التقدم والحداثة. وفي رأيي الشخصي، كلى الحزبين مخطئ. لا توجد قضية ما بيضاء او سوداء بالكامل، كل مافي هذه الدنيا تتلون درجات من الرمادي بينهما. لغرض هذا النص لكن سأتحدث دفاعاً عن موقفي ازاء ويندوز 10 وسياسات مايكروسوفت لدفع النظام نحو مستخدمي الانظمة السابقة، مجادلاً لبعض النظرات والحجج التي قرأتها في تلك التعليقات المذكورة انفاً.

النص ادناه كتب بصورة رئيسية تعليقاً عن سياسات الترقية الاجبارية من ويندوزي 7 و 8 الى 10 التي تبنتها مايكروسوفت في الشهور الأخيرة. مايكروسوفت قامت ببعض التعديلات على آلية هذه الترقية بعد خسارتها لقضية متعلقة بها في الايام الماضية (على الرغم من ان الخسارة نفسها لا تذكر بالنسبة لمؤسسة بحجم مايكروسوفت)، لكن الشركة لا تزال على موقف انها لم تخطئ فيما فعلت. ولا يزال هنالك العديد من المدافعين عن ويندوز 10 الذين يوافقونها الرأي، لذا كتبت ما كتبت.

"ان لم تكن تعرف كيفية اصلاح حاسبك، او ان لم تكن تعرف كيف توقف التحديثات الاوتوماتيكية لا يجب ان تكون مستخدما للحاسوب"

وللأمانة، انا ايضاً من اللذين يستخدمون مثل هذا المنطق في كثير من المحافل. لكني كـ[شبه]ـمهندس لا يمكنني الا ان اصف هذه النظرة (بصيغتيها) بالاستعلائية وفاقدة المنطق لسببين رئيسين:
اولهما ان انظمة الويندوز (واغلب الانظمة الـmainstream)‍ لم تصمم فقط للمستخدمين المحترفين الذين بإمكانهم اخضاع النظام لمتطلباتهم، هذه الانظمة تسوق للجميع. ابتداءاً من ذاك الموظف الخمسيني الذي يستخدم الحاسب مثلما يستخدم آلة الطباعة الميكانيكية التي استخدمها في شبابه، ووصولاً لمهندس النظم الذي يدير عشرات الحواسيب الاخرى في مقر شركته. وبما ان المبادئ التصميمية لأي منظومة ما تأخذ في الاعتبار المعامل المشترك الاصغر لمستخدميها وتنطلق منها، فأنظمة التشغيل تبدأ انطلاقاً من تلك المعرفة المشتركة بين جميع -او اغلب- مستخدميها. وفي حالة الويندوز، تلك النظم التي تدير حواسيب ما يقارب الـ90% من المستخدمين حول العالم، انت تتحدث عن قاعدة مستخدمين اغلبها بالكاد يفقه كيفية تشغيل الحاسب واغلاقه. فكيف تريد منه ان يعرف الزاماً آلية القيام بعملية استكشاف اخطاءٍ من الممكن ان لا يكون لها اي توثيقٍ من الاساس (كما هو الحال في اغلب السوفتوير حديث الاصدار)؟

ثانيهما (وهذا يتعلق بموضوع التحديثات الاوتوماتيكية) انها تتجاهل احدى اهم الفوائد من استخدام الحواسيب نفسها: أتمتة (او اياً كان تعريب automate) العمليات الحوسبية التي تكرر دورياً. وهذا يشمل تحديثات النظام. 
آلية الترقية التي تبنتها مايكروسوفت لتحديث انظمة ويندوز 7 و 8 الى 10 وُصفت من البعض على انها تقارب ان تكون خبيثة، بل ان الكثيرون يتهمونها بذلك. مايكروسوفت اساءت فيها استعمل آلية تحديث الانظمة التلقائي لنشر ما يفيدها هي اولاً دون اهتمام او مراعاة للمستخدم، وخرقت ثقة المستخدم فيها بدفع ويندوز 10 عبر الوصلة التي يفترض ان تحمل فقط التحديثات الامنية وتلك التي تعالج اخطاءاً في النظام. ولا، ويندوز 10 ليس مجرد "تحديث"، ويندوز 10 نظام كامل يأتي بالعديد من التغييرات الاخرى، سواءاً على صعيد واجهة التحكم او الجوانب التشغيلية والقانونية (المزيد عنها لاحقاً). ناهيك عن ان الانتقال من نظام لنظام ليس بالأمر البسيط البتة، وله من المشاكل المحتملة الكثير. 

"ويندوز 10 يعمل معي بشكل ممتاز! اذا هو نظام كامل مطلقاً ولا يفترض ان تواجه اي شخص مشكلة معه"

رداً على هذا التعليق الشائع، اقتبس من نص مقالي السابق الاحصاء والرآي الأخر: "ان الحكم على اعتمادية منتجات مصنِّع ما لا ينبغي ان تعمم فقط من تجربة شخصية، بل لذلك الغرض لا بد من اجراء دراسة احصائية حول معدلات تلف الاداة تحت السؤال، سواءاً ان كان بحثاً بسيط غير دقيق عبر محرك القوقل، او بالاعتماد على دراسة اجراها كيان متخصص في مثل هذه التحليلات الاحصائية. وحتى في هاتين الحالتين، لا ينبغي ان ينسى الفرد اقصاء العوامل الأخرى المؤثرة على الاعتمادية. فليس استخدامك للأجهزة كإستخدام جارك، وليست ظروف منطقتك كظروف احد اخر يستفسر عن جهاز ما في مجموعة ما على الفيسبوك!"

النص اعلاه كان موجهاً لتلك الفئة التي تعمم العيوب التي تقابلها في منتج ما على حال المنتج ككل، لكنه يصلح ايضاً رداً لمن يعمم عدم ظهور تلك العيوب على تجربة الجميع. خصوصاً عندما نتحدث عن منظومات معقدة مثل انظمة التشغيل. لا ننسى بأن هنالك قرابة الـ300 مليون إستخدم لويندوز 10 وحده، ناهيك عن التركيبات شبه اللانهائية المختلفة للاجهزة المشغلة لذاك الرقم، ناهيك عن التشكيلة الضخمة (و"ضخمة" هنا تبسيط للوضع) للبرمجيات المتاحة لهذه المنصة. ان اخذت حتى اكثر الاحصائيات تحفظاً لأيٍ من هذه القيم وقمت بإجراء القليل من التباديل والتوافيق لكي تصل لعدد السيناريوهات المختلفة المحتملة، فغالباً ستصل الى رقم لن يمكنك حتى حفظ ربعه!

للأمانة لكن، اي سوفتوير سيأتي بنسبة ما من الاخطاء فيه، هذا امرٌ مسلمٌ به. وكلما زاد عدد سطور ذاك السوفتوير وتعقيده، زاد معها عدد تلك الاخطاء. وكحال اي نظام تشغيل اخر (متضمناً 7 و 8 وحتى XP التي يقسم بها معارضوا 10) في بداياته، فـ10 يأتي في بالعديد من المشاكل التي لن تجدها في سابقيه، لكن هذا لا يمنع انها تُحل مع مرور الزمن. لهذا السبب استحدثت آليات تحديث السوفتوير (والتي -للسخرية- يسيء 10 استخدامها بإجبار تشغيلها على الجميع). هنالك الكثيرون من المعترضين على 10 ينسون (او يتناسون) هذه الحقيقة. لكنه لا ينفي وجود تلك الاخطاء. وبالتالي يزيد من سوء موقف مايكروسوفت ازاء الترقية الاجبارية لـ10.

"ويندوز 10 مجاني، من الغباء الاعتراض على التحديث اليه حتى ولو كان اجبارياً"

المنطق الاختزالي وراء هذه الحجة -صراحةً- مستفز. من قال ان الـ"ثمن" لأي شيء هو فقط تلك الحفنة من البنكنوت او موازيها الرقمي الذي تدفعه مقابلها؟ ويندوز 10 ليس "مجانياً" البتة. النقلة من 7 (وربما 8) الى 10 ستحتاج من المستخدم التضحية بأمرين:
1- البيانات. حتى في ابسط صورها.
2- التحكم. عبر الموافقة على شروط استخدام وسياسات خصوصية لم توجد في سابقيها.

بالنسبة للتحكم، أتحدث بصورة رئيسية عن آلية التحديثات الاجبارية داخل ويندوز 10. تلك الآلية المفروضة -ليست فقط عبر السوفتوير- بل قانونياً عبر اتفاقية استخدام النظام نفسها! وبالنسبة لمن يرددون كالببغاء حجة "بإمكانك اغلاق التحديثات الاجبارية عبر اغلاق الـwindows service المرتبطة بها" اقول ان الامر يتعدى مجرد تحميل التحديثات بدون اذن المستخدم، الامر يصل الى نوع هذه التحديثات نفسها. في الانظمة السابقة كان للمستخدم حرية اختيار اي التحديثات تحمل، وهذا الاختيار يتاح -غالباً- على حسب الهدف من التحديث. التحديثات الامنية تأتي مختلفة عن تلك التي تستهدف bugs معينة في النظام، وكليهما تختلف عن تلك التي تضيف ميزات جديدة فيه، وكلهم يختلفون عن تلك التي تعنى بمحركٍ لعتاد ما او سوفتوير من طرف ثالث. في ويندوز 10 لا يوجد مثل هذا الخيار، مايكروسوفت اتبعت سياسة all or nothing، متضمنة معها نهجاً جديداً في اخفاء المعلومات المتعلقة بالتحديثات، بل قد يصل مرحلة -وان لم تكن متعلقة بتحديثٍ لويندوز 10 نفسه، ان كان متعلقاً بالنظام نفسه- اقل ما يوصف بها انها obfuscation لاهداف التحديث

بالنسبة للنقطة الاولى، الكثيرون يجادلون بأن تلك الـ"بيانات" ليست بتلك الاهمية او الخصوصية التي تستدعي القلق، من الممكن ببساطة ان تغلق تلك الاعدادات المضرة بالخصوصية وتحديد التيليميتري Telemetry الى ارسال بيانات بدائية فقط. ولكن، لم يجب علي ان ارسل اي شيء اصلاً؟ ماذا إن كان لا يهمني كون تلك البيانات صوري الشخصية وبيانات الولوج لحسابتي المختلفة، او امر بسيط كأسماء البرامج التي استخدمها على حاسبي. هي في اخر المطاف "بيانتي" انا، سواء كان من الممكن ربطها بي بعد ارسالها ام لا. اعطيها انا بإختياري طوعاً وليست اجباراً. لا مانع لي ان اقدمها لـValve ضمن استبيان steam الشهري لأنهم يطلبون مني ذلك، لكن عندما يصبح الأمر اجباراً فإنه يعيدنا الى نقطة التحكم كثمن. الى اي مدى تعتقد انك تملك هذا النظام؟ مايكروسوفت مصرة على الاستمرار في اتجاه مضاد للشفافية على الرغم من ادعائتها اللاحقة لجدل تسريبات ادوارد سنودن، على الرغم من وجود العديد مِن مَن لاحظوا استمرار ويندوز 10 في الاتصال بخوادم مايكرسوفت حتى بعض اغلاق جميع الاعدادات المتاحة (رسمياً) والمتعلقة بها، مايكروسوفت لا تزال تختبيء وراء اعذار مثل "لا نقوم الا بجمع بيانات سرية الهوية" و "نستخدمها فقط في تحسين الخدمات". قد أكون شخصياً من اعداء نظرية المؤامرة كمبدأ، لكن في مثل هذه الحالات (وبالنظر لتاريخ مايكروسوفت في التعامل مع الخصوصية والسرية وسياساتها ازاء المنافسة) ليس لي الا وضع علامتي استفهام وتعجب كبيرتين وتحتهما عدة خطوط. 

اي نعم، ليست هذه نظرة الجميع (وليس بالضرورة الغالبية حتى)، لكنه موقفٌ مقبول الى حدٍ بعيد، خصوصاً وان الثقة في صناعة السوفتوير هذه الايام في الحضيض، ومايكروسوفت لا تحاول حتى تحسين صورتها في هذا الجانب. هذا وقد قيل، وجود مثل هذه التغيرات والعوامل المؤثرة على اختيار الفرد احدى اكبر العوامل الواقفة ضد سياسة الترقية الاجبارة لويندوز 10. 

"ولكن لماذا الهجوم على مايكروسوفت؟ اليست جميع الشركات لا تحترم الخصوصية؟ ان كنت تملك هاتفاً ذكياً فأنت بالفعل لا خصوصية او تحكم لك" بالإضافة للسخرية من الحديث عن خصوصية ويندوز 10 على الفيسبوك.

أولاً، الويندوز ليس نظاماً للهواتف الذكية. عندما يتحدث أحدهم عن الخصوصية في ويندوز 10 فإنه يفعل ذلك مقارنة بويندوزي 7 و 8. المستخدمون لا يتوقعون من حواسيبهم المكتبية والمحمولة مثلما يتوقعون من هواتفهم. التهميش الذي لقيته واجهة الـModernUI في ويندوز 8 اكبر مثال على ذلك. ثانياً، لم نحن نقارن منظومة ولدت ونصفها في السحاب (الهواتف الذكية) بأخرى اصولها مترسخة في الحوسبة المحلية؟ مرة اخرى، الاعتراض على ايٍ من جوانب ويندوز 10 لا تأتي بناءاً على المقارنة بأنظمة الهواتف الذكية (فيما عدا بعض الانتقادات من بعض الاطراف) بل مقارنتها بسابقيها 7 و 8. وحتى ان قارنّاها بالهواتف الذكية، اي نظام تشغيل لتلك الاخيرة يأتي بمنظومة ترقية او تحديثاتٍ اجبارية؟ 

هذا وقد قيل، مقارنة التضحية بالخصوصية في الفيسبوك بتلك التي في ويندوز 10 أقل ما يقال عنها انها لا تأتي الا من أحمق. الفيسبوك وأمثالها خدمات سحابية اختيارية بالكامل لا يصل اليها المستخدم الا عبر منفذ واحد ولا يمكنها التحصل على اي بيانات سوى تلك التي يتيحها اليها المستخدم بكامل علمه. على الجانب الأخر فالويندوز نظام تشغيل محلي له امكانية الوصول لجميع البيانات المتواجدة على الحاسب او التي يمكن الوصول اليها عبر وسائط اخرى كالسماعات والكاميرا سواءاً كان متصلاً بالانترنت ام لا. 

ربما -واقول ربما- ان اقتصر الأمر على مجرد بيانات متعلقة بأخطاء النظام وتأثير نسخ ما من محركات العتاد على استقرار النظام، لقبل البعض منا الترقية الى ويندوز 10 بدون الكثير من العناد. لكن عندما تؤخذ جميع هذه العوامل اعلاه من تحديثات اجبارية وتتفيه لحرية المستخدم وسياسات تتجه الى اقصاء المستخدم كصانع للقرار فيما يفترض ان يكون ملكه (وهنا اتحدث عن الحاسب ككل، وليس النظام فقط. منعاً للدخول في جدال هل المستخدم يملك النظام ام مجرد ترخيصاً لإستخدامه). عندما تأخذ جميع تلك العوامل في الاعتبار فإن موقفي (وهنا اتحدث عن شخصي البسيط اولاً ومن ثم البعض الاخرون الذين يشاركونني الرآي) هو محاولة لإيقاف ما يبدو بوضوح انه منحنى زلق نحو هاوية تملك فيها مايكروسوفت سلطات تتخطى الحد الأمن (وللأمانة، مايكرسوفت بالفعل تمتلك سلطة احتكاريةً تتخطى حد الامان ذاك). واذكر مرة اخرى كما يذكر جميع المعترضين على ويندوز 10: في يوماً ما كنا نسخر مِن مَن يعتقدون بوجود انظمة مراقبة واسعة النطاق، حتى خرج سنودن بما خرج، وكنا بالمثل نسخر مِن مَن يعتقدون بأن مؤسسات مثل مايكروسوفت تقوم بمراقبة كل ما يرسل عبر البريد الالكتروني، حتى قامت مايكروسوفت بفضح نفسها بنفسها.
وحتى ان افترضنا عدم وجود اي سبب منطقي البتة لرفض 10، لم يحتاج احدهم ان يفسره موقفه من الاساس؟ اليس المرء حراً في مثل هذا الاختيار؟

ان كنت سعيداً مع 10، هنيئاً لك! لكن هذا لا يعني ان الجميع يشاركونك الرآي. فلو سمحت ظروف أهلك اعفينا ياخ! -_-