All But Reality

Imagine a catchphrase here

Simple template. Background and Customization by Shihab Elagib. Powered by Blogger

April 02, 2015

ان تحاول الاعتناء بحاسب شخصي high end في السودان.

ربما يكون وضع الحواسيب الشخصية في السودان ليس كمثله في اواخر الالفية المنصرمة، ربما لا تكون هذه الادوات لا يزال ينظر اليها كأنها كماليات وترف، او انها اشبه بمفاعل نووي يحتاج طاقم من ذوي الخبرات والمؤهلات الاكاديمية للقيام بأبسط مهامه. وربما اصبحت اداة مسلم بوجودها لدرجة اصبح شبه المستحيل ان ترى انسانا (في الخرطوم على الاقل) لم يستخدم احدى صور هذه الاليات لمدة تتجاوز الشهر.

ولكن...


الغالبية الساحقة -التي تكاد ان تساوي الكل- من هذه الاجهزة لا تعدو ان تكون (بإستثناء الهواتف المحمولة والاجهزة اللوحية) اجهزة قديمة من اوائل الالفينيات، او اجهزة محمولة (لابتوبس) ضعيفة الاداء (او ما يسمونها budget او entry level laptops)، او الاجهزة المكتبية "ست الاسم" بالدارجية، واقصد تلك الاجهزة المجمعة مسبقا وموجهة للأعمال المكتبية البسيطة كتحرير النصوص. جميع هذه الاجهزة تشترك في صفتين رئيسيتين: رخص السعر، وبساطة التركيب. 

اما إن أردت الحديث عن الاجهزة عالية المستوى (High end، وهنا اقتصر الحديث على الحواسيب الشخصية المكتبية Desktop PC's) فأنت تتحدث عن نسبة -ان كان هنالك من احصاها- أشك انها ستتعدى ال0.01%. وللأسف (او لحسن الحظ، على حسب وجهة نظرك)، فأنا من هذه ال0.01%.


ثقافة "بناء الاجهزة" او تجميع الاجهزة ثقافة قديمة قدم بداية ظهور سوق الحواسيب المتاحة للمستهلكين. هذه الثقافة ازدهرت وانتشرت حتى اصبحت اليوم دافعة بصناعة تقدر بمليارات الدولارات تتهافت فيها شركات مكونات الحاسب الشخصي لتقديم الاحدث، الاسرع، الافضل، الاجمل والاعلى جودة. هذه الثقافة -للأسف- ليس لها وجود يذكر في السودان. لأسباب عديدة ليست هدف هذا الموضوع، بقدر ما هي العقبات والصعاب التي يجدها او سيجدها السباقون في هذا المجال في السودان، ومنها اذكر:

1-الغبار:
مفاجأة!
او، ربما لا.

ربما يكون ضياع للوقت الاشارة الى ان السودان ذو الطبيعة الصحراوية تحتوي بيئته على تركيز عالي للغبار والاتربة. يكفي ذكرا الـ"كتاحات" الموسمية والضرورة اليومية لتنظيف اي غرفة او حوش والا اصبح حالها كحال مقابر لإحدى الحضارات البائدة (لا ينقصها سوى شباك عناكب و عدة عظام بالية متانثرة هنا و هناك). وربما يكون هذا الروتين امرا اعتياديا لغالبية السودانيين لدرجة انه يعتبر من ابسط الامور. ليس الامر كذلك بالنسبة للحواسيب.
تراكب الاتربة في الحواسيب الشخصية امر متوقع حاله كحال اي اداة او الة اخرى، لكن الحواسيب الشخصية تحديدا فيها الامر اسوأ لخاصية لا توجد في الكثير غيرها: استخدامها للمراوح لشفط الهواء من الخارج لتبريد مكونات الحاسب. هذه الالية تحول الحاسب الى مصيدة جاذبة للأتربة، وتحديدا ان تركت تعمل في غرفة غير معزولة عن البيئة الخارجية (i.e لا يجد الغبار صعوبة في الدخول الى الغرفة). هذه الحالة غير المعزولة هي الاكثر وجودا في السودان، حيث ان وسيلة التبريد الاكثر شيوعا هي التبريد الطبيعي (عبر منافذ للهواء) بالاضافة لمراوح السقف. 

الاجهزة عالية الأداء عادة ما تأتي بحلول تبريد اكثر تعقيدا من نظيراتها الرخيصة. ما قد يترجم غالبا الى تصريف اكبر للهواء وبالتالي لعدد او حجم مراوح اكبر. البطاقات الصورية الرخيصة (entry level) مثلا قلما تحتاج لتبريد هوائي مستمر (active cooling، الذي يستخدم مراوح)، بل تقتصر على التبريد الساكن (passive cooling بدون مراوح). اما البطاقات عالية الاداء فقد تأتي بصور فيها ما قد يصل لثلاث مراوح عالية السرعة في البطاقة الواحدة (كمثال بطاقات شركة gigabyte تحت مونيكير Windforce).
ولا ننسى ان من اهم مواصفات صناديق الحاسب (case/chassis) هي كمية المراوح التي يمكن ان يستوعبها. خذ كمثال صندوقا كنت من مستخدميه، الـThermaltake Element G الذي يأتي بـ4 مراوح كبيرة الحجم مع امكانية اضافة عدة مراوح صغيرة اخرى. 

الغبار قد لا يكون من الاسباب التي قد تؤدي لهلاك الحواسيب مباشرة، لكنها قد تؤدي لتدهور في الاداء ان تراكمت بصورة كبيرة في المكونات الداخلية، حيث انها تقلل من كفاءة انظمة تبريد هذه المكونات مما قد يوصلها لدرجة تدفع بالحاسب لتشغيل انظمة الحماية من تثبيط للاداء وحتى الاغلاق التام للجهاز!

لا زلت اذكر تلك المرة التي نسيت فيها شباك الغرفة مفتوحا اثناء احدى العواصف الترابية. على الرغم من انها كانت عاصفة خفيفة نسبيا الى ان تنظيف الجهازمن اثارها استغرق مني ليلة كاملة! ان كان لي ان ابالغ في الوصف لقلت ان كمية الاغبرة التي استخرجتها من الجهاز قارب وزنها ان يصل كيلوجراما! سمها placebo effect ان شئت، لكني اكاد ان اقسم ان الجهاز اصبح اخف وزنا بعد النظافة!
او ربما كنت قد نسيت تركيب قطعة او اثنتين >_>

2-الكهرباء:

وان كانت "مشكلة" معممة على جميع الاجهزة الكهربائية، لكنها في الحواسيب عالية الاداء تأتي بمجازفة اكبر عند الاخذ في الاعتبار سعر هذه الاجهزة.
قد يُجادل انه في اي جهاز high end بحق لا بد ان تكون وحدة تزويد الطاقة (Power Supply Unit, PSU) ذات جودة عالية، وبالتالي ذات قدرة اكبر على امتصاص تغيرات التيار المتكررة والقطوعات المفاجئة، وحماية المكونات الاخرى من اي زيادة كبيرة في التيار. لكن ما يجب تذكره هو: هذه الوحدات عالية الجودة ليست رخيصة البتة!

ربما مر على احدكم ان استبدل وحدة تزويد طاقة "تجارية" كما تسمى بتكلفة لا تتعدى ال100جنيه، لكن مزود طاقة محترم بقدرة متوسطة نسبيا قد يتعدى سعره ال100دولار امريكي، ما يعادل (في حين كتابة هذه السطور) ال ~900جنيه سوداني. ناهيك ان كان الضرر قد وصل الى احدى المكونات الداخلية. محرك اقراص صلبة (SSD) متوسط؟ اكثر من 150 دولار!
معالج i7 4670k? اكثر من 240 دولار!
بطاقة صورية GTX 970؟ اكثر من 300 دولار!

ربما ليس بالامر الجيد المخاطرة بتشغيل مثل هذ الجهاز مباشرة من شبكة الكهرباء القومية...

لكن لحسن الحظ، اغلب المزودات عالية الجودة تميل لأن تضحي بنفسها قبل ان يصيب الضرر ايا من المكونات الداخلية. ولذا ترى ان اهم خطوة ينصح بها في بناء الاجهزة هي اختيار مزود محترم. عن نفسي شخصيا، فمزودي السابق (Corsair HX 850w) صمد اما العشرات من الانخفاضات والقطوعات المفاجئة، وحتى زيادات في التيار احرقت -في نفس الشبكة- موقد مايكروويف وعدة مصابيح. واذكر في عدة مناسبات انه ظل يعمل مشغلا للجهاز في ظروف عجز فيه مصباح مكتبي صغير عن الاضاءة. هذا المزود كان من افضل المزودات سمعة، لكن هذا لا يعني انه بإمكانه استحمال مثل هذه الاساءة والظروف السيئة الى الابد. حتى مرت عليه زيادة في التيار قبل اقل من عام ادت لعدة اعطال فيه، مما اضطرني لإستبداله بمزود اخر مساوي في الاداء (وذو سمعة جيدة اخرى). هذا الاستبدال كلفني ما لا يقل عن 150 دولارا. خسارة لم اكن سأتضطر لتحملها ان كان مصدر الكهرباء يمكن الاعتماد عليه.


3-السوق المحلي:

ان افترضنا ان رغب احدهم في تجميع جهاز، او احتاج لقطع غيار او بديل لمكون ما، او رغب في تحدث بطاقة صورية او معالج، من اين سيأتي بهذه المكونات؟
ان كان ذلك الشخص احدى مواطني امريكا، اوربا او بعض دول شرق اسيا فغالبا ما سيطلبها عبر احدى المتاجر الالكترونية. او -في بعض الحالات- سيزور احدى المحلات المتخصصة على ارض الواقع ليشتري ما يريد. في حالتنا ليس الامر بهذه السهولة.

القِ باللوم على العقوبات الامريكية، القِ باللوم على كوننا احدى دول العالم الثالث او على عدم وجود وكلاء للشركات العالمية في السودان. لُم الحالة الاقتصادية العالمية، لُم الillumanti، لُم المؤامرة الصهيونية، لُم الفضائيين، لُم من شئت. لكن مهما كان اختيارك، فالمشكلة واحدة: "سوقنا فاضي، سوقنا غالي".

"الجديد الشديد" في مكونات الحاسب الشخصي فيما ندر ان يصل السودان في فترة تتعدى العام من صدوره في الاسواق العالمية، هذا ان وصل اصلا. المكونات التي تستورد هنا لا تتعدى الbare minimum لتشغيل حاسوب ما. اما تلك النسبة القليلة التي تصل ويمكن ان نصفها بأنها high end؟ لا تتعدى كونها خيارات تحسب على ايدي اليد الواحدة. انت تتحدث عن خيارات محدودة للبطاقات الصورية، واخرى للمعالجات، وموديل او موديلين للوحات ام. هل ترغب في وحدة تزويد طاقة من شركة محترمة كCorsair, Silverstone او Antec؟ لن تجدها هنا.
هل ترغب بإحدى قطع الذواكر العشوائية (RAM) عالية الاداء التي تنتجها G-Skill؟ ابحث في مكان اخر.
هل تبحث عن ذلك الSamsung 850EVO SSD ذو الاداء الممتاز؟ احجز تذكرة الى ماليزيا او امريكا. 
هل تريد شراء عدة التبريد المائي المتينة تلك؟ اي احمق يرغب في توصيل مياه داخل حاسبه اصلا؟ اخرج من هنا!

محدودية الخيارات لا يعني عدمها بالتأكيد، لكن وجودها لا يعني انها متاحة لمستهلك بدخل عادي. للأسف، فإن اسطورة ان "اي شي غالي في السودان" على الرغم من دقتها ليست مخطئة بالكامل هنا. فأغلب هذه القطع تأتي أسعارها بقيم كبيرة حتى مقارنة بقيمها الاصلية. وهذه الزيادات لا تتبع لنسق معين، فقد تجد بعض المكونات تباع بأسعار مساوية للأسعار التي تجدها في مواقع مثل Amazon مثلا، لكن البعض الاخر تجده في بعض الاحيان مساوية لضعفي سعره الاصلي المقترح من المصنع (msrp). هل هي نتيجة للتكاليف المتراكمة في مرحلة الاستيراد والعرض، ربما نعم وربما لا. ليس لي ان افتي هنا في السبب وراء هذه الزيادة السعرية (وان كنت في كثير من الحالات اثرت سخطي او تهكمي عليها)، لكنه لا ينفي انها اغلى بصورة كبيرة من اسعارها الاصلية. بصورة -في كثير من الاحيان- قد تجعل خيار شرائها من الخارج ومن ثم محاولة جلبها للسودان عن طريق قريب او صديق مسافر --او حتى شحنها- ارخص من شرائها من هنا. ولا ننسى طبعا ان الاحتمال الاصلي هو عدم وجود المنتج الذي تبحث عنه هنا من الاساس. لذا ترى كثرما يكون الخيار الامثل لمن يرغب في تجميع جهاز عالي الاداء بسعر معقول وسماحية في الاختيار هو ان يشتري ما امكن من مكوناته من الخارج.

لا يعني بالضرورة انه لن تجد صفقات مغرية معروضة في احدى المحلات هنا. قد تكون نادرة، لكنها ليست منعدمة.


4- المجتمع:

هواية بناء الانظمة ليست فقط في عملية تركيب الجهاز فقط. هذه العملية ربما تكون اقلها مساهمة في متعة هذه الهواية. الجانب الاكثر اهمية فيها هو المشاركة في مجتمعات مجمعي الاجهزة نفسها! 
ربما يكون شراء مكونات ذلك الحاسب الخارق عملية مثيرة، لكن اتدري ما الاكثر اثارة؟ فكرة ان هذه الاختيارت نتيجة لساعات من البحث والمناقشات والجدالات حول اي تجميعة او تركيبة افضل، واي بطاقة صورة ذات قيمة اعلى، وأي معالج اسرع، وأي ذاكرة ذات كفاءة اعلى، الخ الخ.
ربما يكون الانتهاء من تجميع ذلك الجهاز امرا مثيرا للفخر، لكن اتدري ماذا يمكن ان يكون افضل؟ مشاركة صور هذه التجميعة بين اصدقائك من مجمعي الاجهزة، سماع الانتقادات والإشادات على اختياراتك، وشرح لماذا اخترت هذه القطعة بدلا عن تلك.

المنتديات والمواقع المهتمة بثقافة الاجهزة عالية الاداء وبنا الانظمة ككل كثير ومنتشرة على الشبكة العنكبوتية، لكن السودانية منها تكاد تكون غير منعدمة. وحتى في تلك القليلة لا تجد فيها سوى واحداً من كل الف لديه اهتمام بالفكرة. 
ربما اكون اتحدث عن تجربتي الشخصية فقط، لكنك لن تجد منتدي او موقعا سودانيا يتحدث عن الـ"جديد الشديد" في computex بدرجة توحي بحتى ابسط قدر من الدراية بالموضوع. وفيما ندر ان تجد محفلا الكترونيا (وهنا اجمع الصفحات والمجموعات على الشبكات الاجتماعية للمنتديات والمواقع) فيه اثنين يتناقشان في هل الافضل ان تشتري معالجا ثماني الانوية من AMD او ثنائيا من Intel. وربما لن تجد ابدا من ينصحك هل الافضل ان تشتري شاشة IPS ام TN. 

ربما يجادل احدهم ان عدم وجود مثل هذه المجتمعات لا يصعب من عملية الاعتناء بجهاز high end في السودان، لكن يجب ذكر ان تشغيل اجهزة بهذا التعقيد -وتحديدا محاولة عمل troubleshooting للأعطال- عملية open source في المقام الاول (حتى وان كانت اغلب البرمجيات المستخدمة في الجهاز closed source). نحن نتحدث عن عشرات التركيبات المختلفة التي قد ينتج عنها الاف (ان لم تكن ملايين) المشاكل المحتملة. واسهل السبل لحل هذه المشاكل هو سؤال الغير، ففي كثير من الحيان قد تكون هذه المشكلة او ايا من اعراضها قد مرت على احد ما وقام بحلها. في المنتديات الاجنبية كثيرا ما تجد المواضيع المطروحة اسئلة لمشاكل مرت على المستخدمين ولم يجدوها ضمن الموارد الرسمية لشركات الهاردوير والسوفتوير، وكثيرا ما تجد ان احد المستخدمين الاخرين لهذه المنتديات لديه حل لهذه المشكلة، والسبب؟ مجتمعات التقنية الاجنبية كبيرة لدرجة كافية تجعل الوعي الجماعي ضخما عالما بأغلب المشاكل التي يمكن ان تمر على اي مستخدم! اما لدينا في السودان، وبالأخذ في الاعتبار ال0.1% المذكورة اعلاه، اتمنى لك التوفيق في ان تجد من بإمكنه ان يفسر لك سبب ذلك التأخير غير المفهوم بين حركة الفأرة على الطبيعة وعلى الشاشة.

بغض النظر عن الاسباب المانعة من قيام مثل هذه المجتمعات في السودان، فإنها من اكبر الجوانب المفقودة في ممارسة هواية تجميع الاجهزة الhigh end والاعتناء بها في السودان. من اليسير ان يمل الفرد من هذه الهواية ان ظل يمارسها وحيدا، لكن من الصعب ان يملها ان كان مشاركا كل يوم في نقاشِ في امرِ متعلقِ بها. وليس النقاش مع الاجناب مثل النقاش بلغتك الأم. 


Finale:

بما اني لا استطيع التفكير في نص لأختم به هذا المنشور حاليا، لذا رأيت ان اذكر مواصفات جهازي الحالي و "اعمل نايم على كدة". الساعة 3 ونص صباحا وانا بكرة وراي شغل -_- المصحيني شنو اصلا؟ 

CPU: Intel Core i7 4770k with Corsair H60 watercooling unit.
Motherboard: ASUS Z87-Pro
GPU: MSI GeForce 780Ti TwinFrozr Gaming.
Memory: 20GB of various models.
Main Storage: Kingston SSDnow v300
Secondary Storage: A LOT OF TERABYTES! A HECK LOT OF TERABYTES!
PSU: Coolermaster v850
Chassis: Corsair Graphite 780T

Keyboard: Microsoft Sidewinder X4
Mouse: Steelseries Sensei RAW
Audio: Razer Kraken + Some no name 2.1 speakers with a woofer
Monitor: Phillips 220e 1080p 21.6" 



ملحوظة: النص اعلاه لم يخضع لأي مراجعة حتى الان...
لأني واحد كسلان....