All But Reality

Imagine a catchphrase here

Simple template. Background and Customization by Shihab Elagib. Powered by Blogger

April 17, 2015

ثقافة التَرَس في ساحة الاخبار التقنية السودانية

التَرَس (تَرَّسَ، يُتَرِّسُ، تَرَسَاً) مصطلح مستخدم في بعض الاوساط الجامعية (وخبرتي الشخصية مع المصطلح مقصورة على جامعة الخرطوم) للإشارة الى عملية النقل او النسخ. المصطلح ناتج لمكافئ عملية الـ"تجنيس" بالنسبة للكلمات، وهنا الكلمة تحت السؤال هي "trace"....
أظن...

الاستخدام المينستريم للمصطلح قلما يقصد به الجانب الصحيح (قانونياً واخلاقياً) بقدر ما يستخدم للإشارة ل"شف" الواجبات، التسليمات والتقارير، وفي بعض الاحيان يصل مرحلة السرقة الادبية (plagiarism) للبحوث والسمنارات والمشاريع.

وكما تقول قصيدة تشجيع هندسة جامعة الخرطوم: "الترس الترس يا الضببة، ادونا ورق يا الضببة".


من الممكن ان يعلل احدهم لتفشي ظاهرة الـ"ترس" بأنها محاولة للدوران حول فروض. فروض تحول بين المُترِّس وبين غايته: الانتهاء من العام الدراسي بـدون ملاحق. وربما يستمر في التعليل في كيفية ان حالة النظام التعليمي السوداني الحالية جعلت الجامعة مجرد عقبة مفروضة على الكل. و ربما قد نختلف مع هذا التعليل او نتفق، لكن يبقى سؤال: اذا كان الترس في الجامعة راجع لحالة لا اكتراث ولا مبالاة نابعة من نظرة ليها كفرض، ليه بتترسوا في ما يفترض يكون اخبار لما يفترض يكون هواية يا عالم!

كثر ما مر بي (وايوة، دي anecdotes) مواقع، مدونات وصفحات على المواقع الاجتماعية لأفراد سودانيين سُوّقت على انها "مهتمة بالتقنية" او "متابعة لكل جديد في عالم التكنولوجيا". صفحات غالبا ما ستجدها حاملة في عنوانها الرئيسي او الثانوي كلمتين (على اختلاف صورهما): "السودان" و "تكنولوجيا". هذه الظاهرة في حد نفسها ليست مشكلة، بل -في صورتها المجردة- هي عكس ذلك تماما. المشكلة ان هذه الصفحات غالبا ما تكون من متبعة لثقافة الترس.
هنالك الكثير من المواقع الالكترونية المتحدثة بالعربية و المختصة بأخبار التكنولوجيا الاستهلاكية على الانترنت. مواقع تحاول الحاق العالم العربي بالركب من خلال عملية صحفية -وان كانت ليست الافضل- شريفة و اخلاص لأهدافها. مواقع اجتهد كتّابها في التعلم والبحث ومن ثم الكتابة والشرح، لتنتج في الاخر نصوصاً ومقالات من بنات افكار اصحابها، او -على الاقل- مترجمة من مقالات اخرى ضمن حراك ترجمة مستوحى من حراك بيت الحكمة ابان الدولتين الاموية والعباسية.
ومن ثم يأتيك من يسجل حساباً في اي من مواقع الاستضافة المجانية ويقوم بقص\لصق تلك المقالات مذيلة بإسمه.

ولكن لماذا؟
اهي محاولة لكسب شهرة ما بدون بذل مجهود؟ تلك الشهرة القائمة على الـ"Likes"، "Shares" و الـ"+1" التي ولدت مع انتشار الشبكات الاجتماعية.
ام هي محاولة نيتها شريفة للمساهمة في تطوير المتحوى العربي في الشبكة؟ هذا امر جيد، اليس كذلك؟ ربما لا. فكما تقول الحكمة الانجليزية (فرنسية؟): "الطريق الى الجحيم محفوف بالنوايا الحسنة".
وربما بإمكاننا ان نستنتج -تباعا- ان من اسباب هذه السرقة هو الجهل بالموضوع تحت السؤال. فغالب المهتمين بهذه الامور من الهواة والمعجبين بصناعتي الالكترونيات والبرمجيات ومستهلكيها، او حديثي العهد بهما. وهذا ليس عيباً قط! فهذه الثقافة لم تصل الينا سوى مؤخرا مع انتشار سبل الاتصال بالانترنت في السودان. وحتى بعدها ظل تعرضنا لهذه الثقافة منحصراً في صورها وفيديوهاتها على الانترنت.
ولا ننسى ان محاولة تطبيق عملية صحفية تحتاج متابعة مكثفة للموضوع المستهدف. متابعة تصل حد قراءة حوارات منتديات (Forum Threads) قد يصل طولها لمئات المنشورات، وليس مجرد قراءة للعناوين او المقالات القصيرة. ولا ننسى ايضاً ان هذه العملية الصحفية تحتاج ايضاً لمهارة وصبر في البحث والتقصي عن المعلومات، وليس مجرد اخذ اول رابط من بحث في قوقل على انه مرجع موثوق بالكامل.

ربما كان حاجز اللغة سبباً في ميل اصحاب تلك الصفحات الى نسخ المقالات عوضاً عن كتابتها بأنفسهم. ولنكن صريحين مع انفسنا: قسم الانشاء والتعابير لم يكن افضلأحسن امتحانات اللغة العربية (والانجليزية) سمعة بين الطلبة والتلاميذ في المدارس. قد يكون نسج الكلمات نصوصاً مستساغة لفظا و مفيدة معنى امراً يسيراً على البعض، لكنه للغالبية اقرب اليه لعلم الذرة. وللأمانة، فكاتب هذا النص نفسه لا يزال يؤمن بأن كتاباته (متضمنة هذا النص نفسه) لا تستوفي حتى درجة مقبول، ولكن، كما يقال: "ممشيها حنك ساي".

ليس من الخطأ ان يبدي احدهم رأيه او يكتب مقالاً نقدياً (editorial) حول منتجات Apple او ستراتيجيات قوقل في العقد الاخير، حتى ان كان هذا المقال مليئأ بالأخطأ النحوية والبلاغية (ومجدداً أشير لهذا النص)، وحتى وان كانت هذه الآراء سطحية او تنصيصاً  لبديهيات. فالهدف الرئيسي من هذه العملية ليس الوصول الى الكمال في الكتابة الصحفية، بل ابداء لرأي، ممارسة لهواية و\او مشاركة بإهتمامه بالجديد في الحواسيب والهواتف الذكية. اما ان كان الغرض هو الوصول لذلك الكمال الانف ذكره، فالسرقة الادبية ليست الطريق المؤدي لذلك الهدف.

لا عيب في ان تقتبس نصاً، مقالاً او حتى دراسة كاملة اذا نسبتها لصحابها. لكن الصفاقة، قمة الصفاقة، هي ان تنقل مجهود فرد ما وتنسبه لنفسك.

على الهامش: هو العربي دة صعب كدة ليه يا بيه T_T