All But Reality

Imagine a catchphrase here

Simple template. Background and Customization by Shihab Elagib. Powered by Blogger

May 06, 2015

اليوتيوب، أسوأ-أفضل ما حصل للإنترنت في العصر الحديث.

ربما لم يكن اقدمها، وربما لم يكن احدثها، وربما لم يكن اعلاها جودة او اكثرها موضوعية، لكن لا جدال البتة ان اليوتيوب هو اكبر مواقع مشاركة وعرض الفيديوهات عبر الشبكة تأثيراً حول العالم!
سواء كنت فرداً يريد مشاركة مشهد طريف شهده وصوره، مخرجاً هاوياً يريد عرض فلمه القصير، مؤسسة تريد منصة لعرض فيديو توعوي لحملة ما، او ناشر العاب فيديو عملاق ترغب بالإعلان عن عنوانك القادم، لا شك ان الخيار الاول -ان كانت الإنتشار وحجم عدد المشاهدين اولوية لديك- هو عرض ذلك المحتوى على اليوتيوب.


اكبر ميزة لليوتيوب حالياً هي كبر قاعدة مستخدميه (وبالتالي محتواه)، فالموقع يخدم اكثر من مليار مستخدم يقومون برفع اكثر من 300 ساعة فيديو في الدقيقة الواحدة، لذا قلما تجد مصنعاً لسلعة ما (وخصوصاً تلك الرقمية) يقوم بعرض اعلانته دون تركيز رئيسي على اليوتيوب كمنصة رئيسية. كما تجد ايضاً تلك النسبة الكبيرة من القنوات المختصة في شتى المواضيع، والتي اصبحت تجارة تدر على اصحابها ارباحاً سنوية قد تصل لملايين الدولارات

ولكن، يوتوبيا لا تزال محض خيال.

ربما وقف اليوتيوب مع محرك قوقل وموسوعة ويكيبيديا وفيسبوك وغيرهم في واجهة ما نعرفه على انه الانترنت اليوم، الا انه ساهم ايضاً في تشكيل اكبر عائقٍ امام تطور تكنولوجيا المرئيات: القناعة بالجودة المرتدية.

اليوتيوب خدمة سحابية، وكحال جميع الخدمات السحابية فاليوتيوب يجد نفسه واقفاً امام معضلة رئيسية: محاولة عرض جودة عالية لعدد كبير من المستخدمين. وهنا تصطدم الأحلام الوردية بأرض الواقع: الخدمات السحابية لا تزال بعيدة كل البعد عن منافسة المواد المحلية من ناحية الجودة. فلا يزال عمق الوان الصورة المتاحة لحاسبك -او حتى هاتفك- اعلى بكثير من تلك المتاحة في أغلب الشبكة، ولا تزال جودة الفيديو المعروض من قرصك الصلب -او ما يوازيه- اعلى بكثير من تلك المتاحة في اشهر مواقع الفيديو، حتى وان كنت ترضى بجودة تعتبر للكثيرين متوسطة في كليهما.
القِّ باللوم على التكاليف اللازمة لإنشاء مخادم و مراكز بيانات بإمكانها تقديم مثل تلك الجودة لمثل هذه الكمية من المستخدمين، وربما كنت مصيباً في ذلك (وان كان الأمر يحتاج لدراسة وبحث لست املك وقتاً او علماً كافياً لكليهما حالياً)، لكن العائق الأكبر لا يزال هو البنية التحتية الواصلة بين الخادم والعميل: الشبكة. فمتوسط سعة النقل حول العالم لم تتعد ال4 ميقابت في الثانية العام الماضي واقصاها 25Mbps في كوريا الجنوبية، بينما تجد ان معدل بث البيانات (bitrate) المعتاد لفلم بلو-ري يبدأ من حوالي 15Mbps وقد يتعدى ال30Mbps، وهذه فيديوهات بدقة لا تتعدى ال1920*1080، فما بالك بالأجايال القادمة من ال4k و ال8k التي تستدعي معدلات اكبر؟ 

عن الجودة، صورة بدون صوت.

ربما كان اكبر الأمور التي أرى اليوتيوب قد ساهم فيها سلبياً هي اعلانات العاب الفيديو، وخاصة تلك التي اشتهرت او سوقت لكونها اكثر الألعاب قرباً من خلق صورة لا يمكن تميزها من الحقيقة (فيما يعرف بالphotorealism). فدائماً ما تجد الفيديوهات الدعائية (trailers) وفيديوهات عرض التقنيات المختلفة المعروضة على اليوتيوب قد فقدت جودتها وأصبحت مرتعاً للتشوهات الصورية (visual artefacts) نتيجة لعمليات الضغط الكبيرة التي يمر عبرها الفيديو لكي يصبح متاحاً عبر اليوتيوب. ولنأخذ كمثال هذه الصور من فيديو يعرض مقطعاً من لعبة The Witcher 3 المرتقبة، جميع الصور مأخوذة من نسخة ال1080p:




uncompressed version
(تعديل: الـbanding يقصد به نوع اخر من الأخطاء التي تحدث عند الضغط المنقوص. الفي الصورة حاجة مختلفة. لكن ما عندي فكرة اسمها شنو تحديداً، بتتلم تبع ما يعرف بالـcompression artefacts، اللي بيتضمن الbanding اياه برضو...)




للتجربة قمت برفع فيديو سجلته (عن طريق الخطأ) اثنأء لعبي لـPlanetside 2. هذا الفيديو تحديداً قمت بضغطه مسبقاًُ (لتقليل الحجم وتسريع عملية الرفع) لذا فهو لا يمثل الجودة الفعلية لناتج عرض القيم على ارض الواقع، لكنه لا يزال ذو جودة عالية بصورة تكفي لتوضيح الفرق بين ما يعرضه اليوتيوب وما يفترض ان يتوقع من من القيم:


خوارزمية ضغط اليوتيوب قد تكون محترمة مع الألوان الناصعة، لكن كلما ابتعدت من الأبيض، او كلما زاد تباين الالوان، كلما زادت الجودة سوءاً.

وختاماً...

فإني لست معيباً لليوتيوب سوء الجودة من ذاته، بل اعيبها على السحاب ككل. فلست بناكرٍ على ان هذه التضحيات في الجودة امر مسلمٌ به ان كان اليوتيوب هو المسيطر ام اي من الأسماء الكثيرة في ساحة خدمات مشاركة الفيديو، ولست بناكرٍ ايضاً للمزايا الأخرى التي يوفرها اليوتيوب مقابل هذه التضحيات. ولست بناكر أيضاً على أن تقنيات ضغط المرئيات في تحسن مستمر. ولكني ايضاً ارى ان مثل هذه الخدمات جعلت عجلة التطور كلياً تتوقف عن الدوران حتى تتمكن هي من اللحاق بها. ولنتذكر ان يوتيوب لم يضف دعماً للـ1080pحتى 2009، بينما ان العرض بهذه التقنية كانت متاحاً منذ اوائل الالفينيات (وربما قبلها، وقبلها بكثير ان اخذت في الاعتبار المقابل الرقمي لجودة الفلم التقليدي المستخدم في السينما قديماً، مع أخذ الفروقات في الإعتبار).

يوتيوب اليوم ليس يوتيوب 2006، فالخدمة لم تتوقف عن التطور ولو للحظة. ربما أتت متأخرة وبجودة عليها الكثير من التحفظات، لكنها اضافت دعماً لستاندري ال720p و ال1080p، ومؤخراً دعماً لمعدلات تغير الإطارات العالية (وان كانت محدودة لـ60fps فقط) ودعماً لستاندرد ال4k. ولم تتوقف عن دفع تقنيات تتيح جودة اعلى بدون زيادة كبيرة موازية في متطلبات العرض من استبدال لنظام الflash player إلى تبني لخوارزميات ضغط ذات كفاءة اعلى.
ولكني -شخصياً- لا زلت من اللائمين لليوتيوب لمساهمتها -ولو كانت بدون نية- الى ترسيخ مفهوم الـgood enough لما ليس good enough.